خالد سلك يكتب …

ما تعرض له بعض أبناء جنوب السودان بولاية الجزيرة على يد عناصر من القوات المسلحة وكتائب الاسلاميين المقاتلة معها هو أمر مؤسف وموجع للغاية، أعاد ذكرى الممارسات التي قسمت البلاد من قبل، ويبدو أن النظام البائد لم يكتفي بإشعال الحريق في السودان بل سيمدد منه لما وراء الحدود، فعقليتهم الارهابية العنصرية هي ذات العقلية، لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئا.
احتضن جنوب السودان كل من فر من جحيم الحرب في السودان دون من أو أذى، وكل من استقر هنالك عوضه الجنوب بدفء وكرم لم يشعر فيه أحد بغربة، فمهما قسمت بينا الحدود فسنظل مرتبطين برباط التاريخ والجغرافيا والثقافات المتمازجة والمتداخلة والحاضر والمستقبل.
إن الأحداث المؤسفة التي قام بها البعض في جوبا ضد السودانيين أحداث مستنكرة، ونشيد هنا بوقفة قطاع واسع من أبناء الجنوب ضدها وبجهود حكومة جنوب السودان للتصدي لها بحزم وسرعة.
الحرب التي تدمر بلادنا الآن هي امتداد لحروب السودان منذ العام ١٩٥٥ وتجلي فاضح للعجز في مخاطبة جذور قضايانا بصورة منصفة وشاملة وعقلانية بعيداً عن فرض مشاريع أحادية عبر فوهة البندقية. مثل انقلاب الجبهة الاسلامية القومية قمة بشاعة هذه المشاريع الأحادية فقاد لتقسيم البلاد، وأدى للإبادة الجماعية في دارفور، ولمجازر بشعة في جبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان، ولم يكتفي حملة مشروع الحركة الإسلامية الإرهابي بعد، فها هم يواصلون اشعال الحرائق بلا رحمة في كافة أرجاء البلاد سعياً للاستمرار في ذات مشروعهم الدموي الذي لم يسلم منه أحد.
مثلت ثورة ديسمبر المجيدة فرصة لإنهاء هذا المشروع الظلامي ولتصالح أهل السودان شمالاً وجنوباً مع ماضيهم وحاضرهم واستكشاف مستقبل أفضل لهم جميعاً. كانت أولى زيارات رئيس وزراء الثورة د. حمدوك لجوبا، وبادلته جوبا السلام بأن أسهمت في وقف الحرب في السودان. جاءت الثورة لتنهي عصور الظلام، والحرب هي آخر محاولة لاجهاض هذه الفرصة التاريخية لوضع حد لأخطاء الماضي في بلادنا وفتح صفحة مستقبل جديد لا دماء فيه ولا قهر ولا كراهية ولا عنصرية. صفحة وطن يسع ويعبر عن جميع أقوامه بعدالة وإنصاف.