زمان الضر

و يشاء ربك القوي المجيد ذو البأس الشديد أن يرمي البلاد و العباد بمحنة يتعجب لها أهل السماء و الأرض لتعيد للأذهان سيرة كل الجبابرة القتلة الفجرة في مشهد واحد و أن يعيش العباد في هذه الأرض الطيبة ما لم يعيشه أحد من الأولين و الآخرين ليمحص الله الحق و يجفف الزبد و يبقي ما ينفع الناس فيحق وعده أن الأرض يرثها عباده الصالحين .
ثورة ديسمبر المجيدة ، قدس الله سرها ، أعادت تعريف كل من هم على الساحة و وصفتهم وصفا دقيقا فتمايز الأخيار الأطهار من الظالمين الأشرار و كان حوار الزيت و الماء الأبدي حاضرا ، أن لا يختلطا و لا يستقر حال لأحدها الا أن ينفصلا و يذهب كل واحد لحال سبيله .
بالمنطق الذي عرفنا به الله من غير أن نراه يستحيل أن يعيش أهل المدينة الفاضلة اللذين رأيناهم في مواكب الساعة وحدة و نص يهتفون ( حرية سلام و عدالة ) و يتحلقون كالفراش عزلا الا من الإيمان بحقهم في العيش بكرامة و أمان لا يخافون و لا حتى الذئب على أغنامهم ، رأيناهم في بهو المحاكم و خارجها يهتفون بالعدالة لمظاليم لا تربطهم بهم الا السودانوية و محبة هذه البلاد و من بين هذه و تلك لمحنا الضوء في آخر النفق و تأكدنا انه لم يكن ( حجوه أم ضبيبينة ) فكانت تلك المدينة الفاضلة . لأول مرة نرى ابتسامة الرضا تعلو وجوه اضناها السعي في طلب الرزق فأصبحت تسعى بإيمان و صبر يلبن الحديد و كان الكل يهتف ( حنبنيهو ) وعد أحرار يقينا أن تنبت لهم هذه الأرض صمغا و قمحا و نورا ، و لكن لم يكتمل الحلم الا و قد أبرقت و أرعدت و أطبقت علينا بريح صرصر عاتية اقتلعت الزرع و أهلكت الحرث و النسل .
هل انتهت ديسمبر المجيدة ؟
هل دثرت المدينة الفاضلة ؟
هل ابتلع الطاعون العباد ؟
لا قولا واحدا ، فتاريخ كل الثورات يؤكد أن عمر كل ثورة مليء بالمنعطفات ، لا تذهب بعيدا عزيزي القارئ فطالما نحن في سيرة العظام دعنا نتناول الثورة الفرنسية و ما الثورة الفرنسية الا الأخت الشقيقة للثورة السودانية و المتأمل لها يستطيع أن يرى غدنا رأي العين يومض رغم أنف قوى الظلام .
دعك عزيزي القارئ من تاريخ الثورات القي نظرة سريعة على التاريخ الإنساني و سنة الله في الأرض يري الله الناس فضله و يغرقهم في نعمائه ثم يذيقهم بأسهم بينهم ليميز الخبيث من الطيب و لن ترسى حتى تغربل المواقف من يستحق البقاء فحسب نواميس الله في الكون أن لا بقاء لفرعون ينصب نفسه معبودا من دون الله فيأمرهم بانتهاك حرمات الله و قتل عباد الله فيومؤون رؤوسهم التي عليها الطير ثم ينطلقون صائحين ( بل بس ) آكلين الأكباد شاربين الدماء ضاربين بقول النبي الأعظم الحائط ( كل المسلم على المسلم حرام ) و بعد وجبتهم البشرية الدسمة يصيحون أن ( الله أكبر ) ، كيف الله أكبر و انت أبديت أمر أحد خلقه على أمره أن لا تأخذ روح أن لست بخالقها ؟
أيها السودانيات و السودانيين سينجلي الظلام و ينبلج الصباح أقرب مما تظنون فأوصيكم و نفسي بالتمسك جيدا بسودانيتنا و إعمال العقل الذي ميزنا به عن سائر المخلوقات و الصبر و الثبات و الثبات و الثبات .
كسرة :
قل الحق و لو كان سرا ، أنطق بالحق و لو كان مرا و أنثر ذرة من حق على جبل من باطل و لو كانت هي قلة .
كسرة تاني :
حنعود عزاز زي ما مضى و نفوسنا يملاها الرضا