فيضان النيل الابيض : نزوح وخسائر في القطاع الزراعي و مخاوف من انهيار السد

تقرير: النور عبدالله محمدين خاطر
حذر خبراء من تداعيات الأوضاع الامنية، في خزان جبل أولياء الواقع شمال ولاية، النيل الابيض بعد ان ظل يعاني من غياب الإدارة الفنية منذ المعارك التي ظلت تشهدها المنطقة بين قوات الجيش والدعم السريع نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٣م مما عقدت من صعوبة وصول الفريق الفني الذي يتحكم في بوابات السد.
وانشئ خزان جبل أولياء في العام 1937م والذي يقع جنوب وسط الخرطوم علي بعد 44 كيلومتر (27.3) ليُستفاد منه في رفع منسوب المياه في المناطق الواقعة جنوب السد علي الضفتين الشرقية والغربية حتى يمكن من ري مشاريع النيل الأبيض الزراعية، بواسطة الطلمبات “المضخات”.
☆ مناشدة عاجلة
ومنذ قبل الفيضان الذي ضرب الولاية مؤخرا رصد ” المحرر ” في تقرير تم نشره سابقا المناشدات العاجلة والتي اطلقها الخبراء لطرفي الصراع والمطالبة بضرورة تمكين الفرق الفنية من الوصول الي السد للقيام بواجبهم وخاصة بعد ان اصبح التحكم في بوابات الخزان مرتبط بالموسم الزراعي لنتابع معا في هذا الصدد ماذا قالوا ..؟؟
قال رئيس تجمع مزارعي النيل الأبيض يوسف الحسني في بيان موجه بتاريخ ١٥ أغسطس/آب ٢٠٢٤م إلى والي النيل الأبيض عمر الخليفة، وقيادة الدعم السريع اوضح فيه ان مشاريع الولاية، المرويه مهدده بالخروج من الموسم الزراعي بسبب انخفاض منسوب مياه النيل الواقعة جنوب الخزان والذي يتم التحكم فيه، وخاصة بعد خروجه عن نظام الإدارة الفنية بسبب المعارك في هذا القطاع.
واشار الحسني الي ان الخزان له نظام تشغيل يقوم به مهندسون وفنيون بصورة دائمة وباجراءات فنية لتوفير المناسيب في بيارات المشاريع الزراعية جنوب الخزان والمحافظه علي نسبه المياه اسفل الخزان.
☆ غياب المهندسين
ونبه يوسف الحسني الي عدم وجود مهندس تشغيل في الخزان بسبب الحرب الدائرة في منطقة الخزان وان البوابات ظلت بدون إدارة علمية، و أن كل ايرادات المياه التي كانت مخصصه للمشاريع الزراعيه جنوب الخزان التي تشمل المشروعات القومية للسكر في النيل الأبيض والمشاريع الزراعية كلها ستذهب شمالا واذا لم يتم التنسيق للفنيين لعمليه تنظيم المياه فسوف يكون الضرر كبيرا بخروج المشاريع جنوب الخزان من العمليه الزراعيه.
وجاء في رسالة رئيس تجمع مزارعي النيل الأبيض “نحن كمزارعين بالمشاريع المروية ومواطنين صالحين نطلق هذا النداء و نوجهه إلى الطرفين ان يتداركوا الأمر وان يتم التنسيق لإدارة الري بارسال مهندسين وضمان سلامتهم للتشغيل الفني لهذا المرفق حتي يتمكنو من اللحاق بالموسم الزراعي للعروتين الصيفية والشتوية للعام ٢٠٢٤م وذلك أسوة بتجارب التنسيق التي تمت لصيانة بعض المرافق المتضررة مثل خدمات الاتصال والكهرباء والمياه في بعض مناطق النزاع المسلح”.
☆ معارك حول الخزان
وفي السياق يقول : الامين العام لمنظمة نيل ابيض لتنمية الموارد(نورا) – الخبير الوطني في الشراكة بين القطاعين العام والخاص- المهندس د.محمد عبدالرحمن ضوي كلنا نعلم المعارك التي يدور رحاها بين المتقاتلين للسيطرة على معبر خزان جبل أولياء معلوم بأن هذا الموقع يقع في نهاية حدود ولاية النيل الأبيض وانه يعمل في تنظيم عمليات الري لكل المشاريع الزراعية المروية ومنها مشروعات سكر كنانة وسكر النيل الأبيض وسكر عسلاية وكل طلمبات مشاريع الاعاشة على الضفتين الشرقية والغربية وحتى حدود السودان وحدود الولاية جنوبا.
واوضح د.ضوي ان الحقيقة المرة في ظل التراشق بالاسلحة الثقيلة في منطقة هذا الصرح “السد” لن تكون هنالك إمكانية لمهندسي وفنيي وعمال هذا الخزان لممارسة عملهم الهام في تشغيله الذي ينبني على معلومة كمية التدفقات والتصريف اللازم للحفاظ على سلامة الخزان والحفاظ على مناسيب مداخل الذنابيات لطلمبات هذه المشاريع” . متسائلاً عن مصير تشغيل السد والاستثمارات المرتبطة به وبحياة ومعاش مواطني الولاية، وماهي التوقعات وما الذي يجب القيام به لتفادي النتائج السالبة المتوقعة عن غياب مشغلي هذا الخزان.
واضاف “نتمنى أن لا يتحقق ما نتوقعه او نراه من كوارث فوق هذه المأساة التي تعيشها البلاد.
☆ مخاوف الخبراء
لم يكن حديث الأمين العام لمنظمة نيل ابيض لتنمية الموارد (نورا) الاول من نوعه بل ظلت المنظمة تتابع تداعيات الوضع في السد منذ وصول المعارك حوله، وكانت تسعي الي ضرورة فتح ممر آمن لمهندسي وفنيي وعمال الخزان لممارسة عملهم الهام في تشغيله الذي ينبني على كمية التدفقات ومناسيب المياه والتصريف اللازم والحفاظ على مناسيب مداخل الذنابيات لطلمبات هذه المشاريع.
☆ مخاطبة السلطات
وكانت منظمة (نورا) حثت بضرورة مخاطبة السلطات بالنيل الابيض ممثلة في أمانة الحكومة ووزارة الزراعة بخطورة الإشتباكات التي تدور في منطقة بحيرة خزان جبل أولياء وتأثيرها على المواسم الزراعية.
كما طالبت المنظمة بدور فعال لمنظمة الفاو والايقاد والاتحاد الافريقي بخطورة الوضع وانعكاساتة على المواسم الزراعية.
☆ تحوطات وخطوات
ويري الخبير الاقتصادي الوزير السابق للاستثمار د. الهادي محمد ابراهيم ان التحوطات والخطوات الاستباقية لما يحدث في منطقة الخزان مهمة ليس فقط في إنجاح الموسم الزراعي في الولاية وانما لدرء مخاطر كبيرة قد تودي الي تدمير الشريط النيلي بما في ذلك العاصمة القومية والمدن الواقعة علي ضفاف النيل حيال انهيار هذا الخزان الحيوي الناتج من الصراع الدائر.
☆ تدمير الرافعة التي تتحكم في بوابات الخزان
وكانت شائعات سرت بتدمير السد باكمله في شهر نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٤م بعد ان نفذت مسيرات الجيش السوداني ضربة محكمة لكبري “سقالة” خزان جبل اولياء فيما تم عزل قوات الدعم السريع الموجودة غرب النيل وأم درمان عن شرقه في الخرطوم، لكن – في الوقت ذاته وزير الزراعة السابقة في النيل الابيض المهندسة أ/فاطمة أحمد عبدالكريم أكدت في الوقت ذاته أن جسم الخزان الرئيسى سليم، ماتم تدميره هو الرافعة التى تتحكم في بوابات الخزان ،التى انهارت وسقطت علي جزء من الجسم وطمأنت انه قابل للصيانة والتأهيل. ولفتت الي ان المستثمرين تخوفو من الدخول في استثمارات في المشاريع الزراعية في النيل الابيض، بسبب الأوضاع الامنية وايضا تأخر وصول المياه الي زنبيات الطلمبات وخاصة في المناطق الشمالية وان المستثمرين طالبو بتامين الاستثمارات الزراعية.
☆ الخطر القادم
في وقت سابق حذر الخبير المهندس بروفيسور تاج الدين الخزين – المستشار الرئيسي في مركز جنوب الصحراء من الخطر القادم من البحيرة، بسبب المعدلات العالية في الأمطار هذا العام حيث كشف عن ارتفاع مستوي الأمطار في بحيرة فكتوريا من ١٣.٥٥ م/س الي ١٣.٦٦ م/س وتوقع تدفق المياه الي الجنوب ومن ثم الي منطقة السدود والخزان وأشار الي ان الخزان لايستوعب هذه الكمية من المياه بسبب وجود بوابة توربينا مقاس ٥ ميقاوات فقط موضحا ان خزان جبل أولياء شيد لتنظيم المياه فقط دون التخزين وحذر من تأثر مساحات بطول ٤٠ كيلو تتاثر بالفيضان بما فيها الجسور.
☆ قلق ومستقبل قاتم
ومع تزايد قلق الخبراء والمزارعين في بداية الامر لم يبدي طرفي الصراع الجيش والدعم السريع، اي تعليق حول سير الاوضاع داخل السد الاستراتيجي مع استمرار المعارك المتكررة في المنطقة وعدم فتح ممرات آمنة حتي النداء الموجه في شهر اغسطس/ آب الماضي ٢٠٢٤م مما ينذر الوضع القائم منذ ذلك الوقت بخطر قادم كان مهدد بانيهار السد ورسم مستقبل غاتم للنشاطات الزراعية حول البحيرة حال استمرار الحرب.
☆ إرتفاع المياه وفيضان النيل
وبالرغم من التحذيرات السابقة التي أطلقها الخبراء بجانب مناشدات المزارعين قبل وقوع الكارثة بأربعة اشهر إلا ان المناطق الواقعة جنوب خزان جبل اولياء في الضفتين الشرقية والغربية الموازية للنيل تعرضت لخسائر فادحة في القطاع الزراعي وتسببت في نزوح الكثير من المواطنين الذين فقدو منازلهم بسبب الفيضان الغير مسبوق والناتج من إرتفاع منسوب المياه والذي ضرب الولاية في نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٤م.
☆ إنهيار المنازل ونزوح أهالي الجزيرة ابا
وتعد مدينة الجزيرة ابا التي يبلغ سكانها عدد ( 105.000) نسمة، مائة الف وخمسة، من بين أكثر المناطق تاثراً بالفيضان بعد أن سجل ارتفاع المياه الي مالا يقل عن 4 امتار مما ادي الي تدمير العديد من المنازل ونزوح الاَف المواطنين الي معسكر خارج الجزيرة الامر الذي قاد المتطوعين في منظمة قباء لتنمية المجتمع بالشراكة مع مبادرة بزرة خير الجزيرة ابا والروابط وبقية الاجسام وكل المبادرات للقيام بالواجب، وتقديم الطعام يوميا للنازحين في المعسكر.
☆ المعسكر يفتقر لابسط المقومات
ويعيش النازحين في معسكر الجزيرة ابا هناك اوضاعاً انسانية صعبة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ما بين شتاء البرد القارص وتزايد حالات الكوليرا وصعوبة الحصول علي مياه الشرب، غير ان التقارير المتواترة تفيد بتزايد حالات الكوليرا بالمعسكر الامر الذي وصفه الكثيرين بالمؤشر الخطير وينذر الوضع القائم بالخروج عن السيطرة في ظل غياب الاحترازات الصحية والافتقار لابسط المقومات، ويناشد القائمين علي الامر المنظمات والخيرين لتقديم العون اللازم.
☆ تأثر قري ريفي الجزيرة ابا
وتاثرت قري ريفي الجزيرة ابا التابع لمحلية ربك وحدة عسلاية الادارية والتي ترقد علي الضفة الموازية للنيل شرق الجاسر من الفيصان ايضا بنسب متفاوته الاقلاها تأثرا قرية شيكان نسبة لقيام الاهالي بالتحوطات اللازمة منذ شهر اغسطس/آب الماضي ٢٠٢٤م والقيام بعمل ردميات في وقت مبكر، ويضم ريفي الجزيرة ابا كلا من : (قرية الدبيبات – المرابيع ود اللبيح – قرية شيكان – اولاد ناصر – ام فورة – ام برد – الملاحة – الطائف – الشوال).
ويحمل أحد سكان الجزيرة ابا الخسائر التي تعرضت لها المنطقة الي الجهات المسؤولة بالولاية بسبب التواطؤ وعدم القيام باتخاذ التدابير الاحترازية في وقت مبكر مشيرا الي إنما حدث تتحمله (منظمة الجسور بالجزيرة وهيئة الجسور التابعة لوزارة الري – والوحدة الادارية ومحلية ربك الهندسية – وزارة البنية التحتية – والي النيل الأبيض) علي حد قوله.
☆ غرق ” 880 ” فدان بمشروع شبشة الزراعي.
وتابع : “المحرر ” اجتياح فيضان النيل في منطقة شبشة بالدويم والذي تسبب في غرق كل المساحات المزروعة لهذا العام رغماً من شروع المزارعين في عمليات حصاد الذرة.
وقال المزارع عبد الباسط سليمان ان إجمالي المساحة المزروعة والتي غُمِرت بمياه الفيضان تبلغ (880) فدان وهي شاملة للعروتين الصيفية بمساحة “440” فدان بالاضافة الي العروة الشتوية للقمح بمساحة ” 440 ” فدان، وأن المشروع يعمل بنظام الري الانسيابي من البحر مباشر وبتمويل زاتي من المزارعين وتابع متوسط إنتاج فدان الذرة والذي قدر ب”١٠” جوالات فيما سجل سعر الجوال ١٥٠ الف جنية، بينما وصل سعر فدان مخلفات الذرة التي يتغذى منها الحيوان الاعلاف الي “500” الف جنية.
☆ خروج مشاريع شمال الدويم عن الدورة الزراعية
وكشف عن خروج كل المشاريع المروية شمال الدويم عن الدورة الزراعية عدا مساحات محدودة في مشروع قوز النقارة ومبروكة وارجع ذلك الي المهددات الأمنية وكذلك تأخر إرتفاع مناسيب النيل في بداية الموسم الزراعي.
وأشار عبدالباسط الي أن المهددات المذكورة سبق ان ادت لأحجام المستثمرين في الدخول الي العملية الزراعية مبيناً في مشروع قوز النقارة بمحلية الدويم هناك الأمر مختلف بالرغم من المهددات الأمنية وعزوف المستثمرين عن الدخول في تمويل المشروع الا إنة تمت زراعة مساحة تقدر ب”1500″ فدان بمجهود بعض المزراعيين.
وناشد الجهات الرسمية والمنظمات بالوقوف مع المزراعيين لما يعانون منه من تدمير في البنية التحتية لقنوات الري وكباري الاستحكام.
☆ فتح الخزان وانحسار المياه
ومع سبق النداءت المتواصلة لتتم الاستجابة بفتح الخزان في شهر ديسمبر/كانون الاول ٢٠٢٤م بواسطة مهندسين معاشيين الامر الذي ادي الي انحسار المياه بشكل كبير ليتنفس المواطنين الصعداء، وبالرغم من ذلك لاتزال الكارثة الإنسانية مستمرة نتيجة لانهيار مئات المنازل والمرافق الصحية التي ادت الي نزوح السكان.
☆ إستمرار الحرب و قلق المزاعين
ويري مراقبون ان مواصلة حرب الجنرالين العبثية بين الجيش والدعم السريع حول بحيرة خزان جبل أولياء مع عدم إلتزام الطرفين بتوفير ممرات آمنة بغرض تسهيل وصول الفرق الفنية الي السد للقيام بواجبهم تجاه التحكم في كمية التدفقات ومناسيب المياه عبر بوابات السد المرتبط بالمواسم الزراعية الامر الذي يشكل خطراً ويهدد بخروج جميع المشاريع المروية بالولاية نهائياً في السنوات القادمة حال استمرار الحرب وليس من المستبعد انهيار السد.